اعتاد محبو الرياضة في البلاد العربية على متابعة أخبار عن هتافات عنصرية تجتاح بعض الملاعب الأوروبية وتستهدف خصوصا النجوم أصحاب البشرة السمراء، لكن المفاجأة غير السارة وقعت عندما ترددت هذه الهتافات المقيتة في أحد أكبر الملاعب العربية وهو ملعب القاهرة الدولي.
هذه الحادثة التي لم تعتدها الملاعب العربية كان ضحيتها اللاعب الشاب محمود عبد الرازق نجم فريق الزمالك المصري الذي اشتهر باسم "شيكابالا" نظرا لامتلاكه مهارة المراوغة التي اشتهر بها النجم الزامبي السابق شيكابالا فضلا عن اشتراكه معه في لون البشرة الأسمر.
ولما كانت آمال جماهير الزمالك قبل مباراة القمة مع غريمه التقليدي الأهلي التي جرت الأسبوع الماضي ترتبط بشكل كبير بنجمهم شيكابالا فقد كان اللاعب هدفا لجماهير الأهلي التي خصته بهتافات عدائية وهو نفس ما فعلته جماهير الزمالك تجاه نجم الأهلي محمد أبو تريكة.
لكن الجديد كان في نوعية الهتافات التي تحولت من سباب عام وجد طريقه للانتشار في الملاعب المصرية في السنوات الأخيرة دون رادع حقيقي، إلى هتافات عنصرية تركز على لون البشرة رغم أن المصريين طالما تغنوا في تراثهم الشعبي وفي كثير من أغنياتهم باللون الأسمر الذي اعتبروه أحد علامات الحسن.
غضب عارم
اللاعب الشاب الذي عاد إلى الزمالك بعد تجربة احترافية قصيرة في اليونان، تأثر بالهتافات التي تواصلت ضده من بداية المباراة إلى نهايتها، لكنه أطلق لغضبه العنان بعد إطلاق الحكم الكرواتي صافرة النهاية ليدخل في مشادة مع جماهير الأهلي لوح خلالها لهم بقميص ناديه قبل أن يزيد باستخدام حذائه (وفقا لما نشر بالإعلام المصري) في وجه مرددي هذه الهتافات العنصرية.
وعقب المباراة تلقى شيكابالا عقوبة من ناديه الزمالك لعدم التزامه بضبط النفس في حين توعده الاتحاد المصري لكرة القدم بعقوبة أخرى مما دفع اللاعب للاختفاء عن أنظار الجميع وتجاهل اتصالات الإعلاميين وحتى مسؤولي ناديه حيث تردد أنه سافر إلى مسقط رأسه في النوبة بجنوب مصر حزنا على ما تعرض له.
وبينما ركز مسؤولو الكرة المصرية على الحديث عن عقوبة مشددة ضد اللاعب وأخرى مخففة ضد جماهير الناديين معا، فإن الناقد الرياضي فتحي سند يعتقد أن ذلك يمثل مؤشرا واضحا على أن وعي هؤلاء المسؤولين بخطورة المشكلة يبدو ضعيفا وغير ناضج مما ينذر بتكرارها وتحولها إلى ظاهرة مقيتة.
" يلفت فتحي سند النظر إلى أن الأمر قد يتطور للأسوأ وتمتد الهتافات العنصرية لتشمل الدين فضلا عن اللون، مؤكدا أن الأمر وإن كان في بدايته فإنه يحتاج لمواجهة جادة " |
آفة الانحيازوزاد رئيس تحرير جريدة أخبار الرياضة في التأكيد على خطورة القضية، مشيرا إلى تراجع الاهتمام بالجانب الأخلاقي لدى القائمين على الكرة في مصر، فضلا عن الإعلام الذي تراجع دوره الإيجابي بسبب الانحياز لبعض الأندية وهو ما يجعله يرى الأمور دوما "بعين واحدة".
ويلفت سند النظر إلى أن الأمر قد يتطور للأسوأ وتمتد الهتافات العنصرية لتشمل الدين فضلا عن اللون، حيث يرى أن الأمر وإن كان في بدايته فإنه يحتاج لمواجهة جادة، مؤكدا أن على مسؤولي الرياضة ألا يدفنوا رؤوسهم في الرمال وأن يدركوا أن مدرجات الملاعب المصرية باتت على حافة العنصرية إن لم تكن داخلها.
نقص الوعيومن جانبه يؤيد الحكم الدولي المساعد ناصر صادق القول بمسؤولية اتحاد الكرة المصري، قبل أن يتحول بالقضية إلى زاوية أخرى فيرجعها إلى نقص الوعي الديني لدى جماهير الكرة التي اعتادت قلة منها قيادة هذه الهتافات سواء ضد الخصوم أو لمصلحة المنافسين أو "من يدفع".
ومع تأكيده أن اتحاد الكرة ضعيف في مواجهة هذه الظاهرة فإن ناصر صادق لا يلقي عليه بكل اللوم، موضحا أن بعض الأندية متورطة هي الأخرى حيث تقوم بحماية هؤلاء المشاغبين بل تمولهم أحيانا ما جعلهم أشبه بقوة طائشة يسهل أن تخرج عن نطاق السيطرة.